iklan banner

إنتشار اللغة وأسبابها



إنتشار اللغة وأسبابها
إنتشارها في وجهة دون أخرى. ومثال ذلك رغبة بلاد العربية فى العودة الى الفصحى والإبتعاد عن العامية  الا أصواتا خافة منكرة ارتفعت ثم انخفضت فى مصر والشام .ومن هذاالقبيل أثرالقران.
     تختلف اللغات الإنسانية في مبلغ انتشارها إختلافا كبيرا.فمنها ماتتاج له فرص مواتية،فينتشر في مناطق واسعة من الأرض، ويتكلم به عدد كبير من الأمم الإنسانية،كما حدث للاتينية والعربية في العصور القديمة والوسطى، والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والفرنسية والألمانية في العصور الحديثية.
ومنها تسد أمامه المسالك فيقضى عليه ان يظل حبيسا فى منطقة ضيقة من الأرض وفئة قليلة.زلذلك قد تتفاوت اللغة المستعملة بين الناس في الإنتشار بين المتكلمين إلى حد الكثرة  البالغ لعدة أسباب :
1)  الجنسية : هذا العامل هو من أسباب نقل قبيلة إلى قبيلة أخرى ومن هذا القبيل أثر القرأن، والإعتقاد بقدسية لفظه في الإبقاء على اللغة العربية في كلماتها وتلفظ حروفها وسائر عناصرها فلولا ذلك لانتهى الامر إلى ظهور لغات محلية تتطور نحو التباين والإستقلال في الشام والعراق ومصر والحجاز والمغرب ولأدى الأمر إلى ماأدى اليه أمر اللغة اللاتينية التي تطورت الى لغات       مختلفة هي اليوم الايطالية والأسبانية والفرنسية وقل مثل ذلك في لغة الاوردو التي تتطور اليوم في اتجاهين مختلفين في الهند والباكستان بتأثير عوامل دينية وقومية في آن واحد.[1]
ومن الاسباب:
1.  مقومات الوطن و الوطنية, وذلك نظرا لما تخلف من شراكة في الفكر والإحساس بين المتكلمين بها, فتكون, بالتالي, مدعات للوحدة الوطنية, ورابطا قويا يجمع الشعب الناطق بلغة واحدة. واللغات المختلفة في الامة الواحدة, أو الوطن الواحد, مدعاة إلى التفكك والانهيار.
2.    والترابط للدولي والقومي. فجامعة الدولي العربية هي في وجه من وجوهها, جامعة اللغة العربية ووجود اتحاد الدول الناطقة بالفنسية (( Franco Phone )) خير دليل على وظيفة اللغة هذه, كما أن الكومنولث لم يوجد إلا نتيجة اللغة الانكليزية المشتركة بين أعضائه. ويذكر المؤرخون, أنه من أسباب دخول الولايات المتحدة الاميركية, الحرب العالمية الاولى بجانب الخلفاء, الروابط اللغوية بينها وبين انكلترة.
3.    والترابط الإجتماعي : فاللغة نشاط إجتماعي, قد يقصد بها أحيانا الحصول على العون والمساعدة, وإقامة الود والالفة بين المواطنين. ولهذا السبب ينظر أحيانا إلى الصمت في الإجتماعات على أنه مظهر عدائي أو أنه مظهر إختلاف وجهات النظر[2]. 
4.    الذي يتعلق باللغات الإنسانية للشعوب والقبائل. أما لغة الإنسان الفرد بعد أن تكون المجتمعات البشرية, فهي مكتسبة, إذيتعلمها الطفل من أبويه وأسرته والمجتمع الذي ينشأ فيه. فاللغة, في المعارف، هي عبارة المتكلم عن مقصوده، وتلك العبارة تعبير في اللسان، وهي في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم[3]. 

2)  الدين: يأتي العامل الديني في مقدمة عوامل انتشار اللغة العربية ، فقد أخذ الإسلام ينتشر شرقاً وغرباً فدخلت بلاد العرب في الإسلام ولحقت بها الشام والعراق وفارس وغيرها من البقاع.  وسارت اللغة العربية مع الإسلام جنباً إلى جنب فحيث انتشر الإسلام واستقرت قواعده انتشرت اللغة العربية. فمع اعتناق أي فرد من الأفراد للدين الإسلامي لابد له من الإئتمام ، على الأقل، ببعض الآيات القرآنية حتى يؤدي بها صلاته وواجباته الدينية، ولذلك فإنه لابد أن يكون على علم ولو ضئيل باللغة العربية، أما من يريد أن يفهم دينه ويتبحر فيه فلابد له من الإئتمام الجيد باللغة العربية حتى يستطيع قراءة القرآن الكريم وفهمه وقراءة شروحه وتفاسيره. وبهذه الطريقة حمل الإسلام اللغة العربية معه حيثما حلًا وأينما ارتحل على نحو يجعل للعربية درجة من الانتشار في كل المناطق التي تضم جماعات مسلمة، ولم تكن الحبشة بمعزل عن هذا الأمر فانتشار الإسلام بهاأدى إلى انتشار اللغة العربية.[4]
ومن جوانب إستعمال الكلام في الشؤون الدينية في الاسلام لغة الاذان والأدعية، والصلوات وخطب الجمعة، والأذكار، واللغة المستعملة في الحج في مراحله المختلفة، كلغة السعي بين الصفا والمروة ولغة الطواف، ولغة الدعاء، ومن تلك اللغة المتصلة بالموت كالصلاة على الميت والدعاء له، والكلام الذي يقال أثناء تشييع  الجناز، وما يقال عند دفنه وبعده، وفي الشكرعليها[5].

3)  السياسة : إن كل مجتمع في الوقت الحاضر يستخدم المناهج السياسة الجماعية، المناهج التي تهدف إلى إستمرار وجود المجتمع, بإعتباره منظمة سياسية (Polity) وسنحاول في هذا الفصل أن نستعرض مكان  الاتصال اللغوي من المناهج السياسية الجماعية في كل من الاشكال الثلاثة للمنظمات السياسية التي إشتركت في الحرب الاخيرة وهي النازية الالمانية. والاشتراكية السوفية, والديمو قراطية البريطنية.
وإنه ليبدو لأول وهلة أنه يوجد تعارض بسيط في المناهج السياسية الجماعية بين الدول التي تحكم حكما استبداديا (Totalitarian) وبين الدول الديمو قراطية, اي تخصص الوظيفة واليتها في المانيا النازية والإتحاد السوفية, في مقابل التطور في الديمو قراطيتين البريطانية والامريكية. ولكن مجرد النظر في هذا الظن كاف للكشف عن بداءية وعدم لياقته. فكل شكل من أشكال البنية السياسية في العالم الحديث هو حل وسط بين المثالثة وبين الظروف المعقدة الموروثة عن الماضي, والمتطورة في الحاضر وكل شكل من أشكال الوحدات السياسية يستخدم لهذا السبب مزيجا في المناهج السياسية الجماعية. حتى الديموقراطية التي تهدف الي الحرية الفردية يجب أن تلجأ إلى بعض التخصص والالية في الوظيفة[6].
فلو درسنا لغة المراسم نجد أن هذه اللغة في تغير دائم حسب رئيس الدولة فمثلا عندما يصدر رئيس الدولة مرسوما في الشؤون السياسية. كأليف وزارة, أوإقالة وزارة, أوإفتتاح برلمان أوتأجيله, أوتعطيله لوجدنا أن هذه المراسيم تخلف من حكم إلى أخر ومن رئيس إلى أخر, فمثلا مرسوم تكليف احد الإشخاص  بتأليف وزارة في زمن لحكم الملكي في مصرتختلف عن المرسوم الذي يصدر الان في هذا الخصوص. وكذلك نجد أن هذا المرسوم يختلف أيضا من رئيس الاخر, فنجد ألفاظا كانت مستعملة في الماضي اي زمن الملكية (باشا, بك) (عطوفة) (مولاي) وغيرها من الالفاظ[7].
4)  النفوذ التجاري: لعب التجار دوراً قوياً في انتشار اللغة العربية . فإذا كان بعض التجار العرب قد استقروا قبل الإسلام على الساحل الشرقي للحبشة وعملوا في التجارة فإنه بعد الإسلام كثر عدد التجار العرب بشكل كبير وأقاموا مراكز استقرار لهم على طول الساحل ، كما نشأت الكثير من المدن الساحلية التي تحولت إلى مراكز تجارية هامة ، ولم يكن من المعقول أن يظل النفوذ العربي الإسلامي حبيساً في هذه المدن الساحلية بل كان لابد أن ينفذ إلى المناطق الداخلية ، فكان هؤلاء التجار هم الوسيلة والعدة في نشر الدعوة الإسلامية واللغة العربية . فقد كانوا يرحلون إلى المناطق الداخلية التماساً للتجارة ، وكانوا يقيمون بها بعض الوقت ثم ينحدرون للساحل من جديد ، وفي أثناء إقامتهم كانوا يخالطون الناس ويتعاملون معهم وينشرون الإسلام مما يستتبع نشر اللغة العربية[8].
اما لغة الياة الزراعية والناعية فإنها تمثل ألوانا من العلاقات بين اللغة والمجتمع, وأن لكل فرع من هذين الميدانين مفرداته الخاصة به. ومن شواهد إختلاف لغة أصحاب الحرفة الواحدة باختلاف العصور. أنه عندما تكون الحرفة وقفا على أسرة معينة يتوارثونها فيها فإن لهجاتهم تكون أشد تميزا لهم منها عندما يسمح المجتمع لمن يشاء باللاشتغال بالحرفة أو الناعة التي يختارها. [9]
5)  العلم والثقافة : و قد كان لهذه الحركة العلمية الواسعة،بالتّبعية و الامتداد، دور فعّال في انتشار اللّغة العربية و اتّساع رقعتها و ازدياد مناطق نفوذها.و تمثّلت هذه الحركة العلمية في التعليم و جهود الكتابة و التأليف و الإبداع   و الإنتاج في مختلف المعارف و العلوم.
و يذكر غوستاف لوبون 9 أن العصر الذهبيّ للحضارة العربية بدأ بعد الفتوحات حين وجّه العرب جهودهم للعلوم المختلفة و الصناعات.ففي المجال العلميّ أنشئوا التعليم العام و أقاموا المدارس و المخابر و المكتبات العامّة و استقدموا العلماء و الأساتذة المشهورين.و قد كانت الأندلس تحوي سبعين مكتبة عامّة كما كانت مكتبة الخليفة الحكَم،في قرطبة، تضمّ ستّمائة ألف مجلّد منها أربعة و أربعون مجلّدًا للفهرسة فقط.
و باستثناء المدارس العادية و المكتبات العامّة المنتشرة هنا و هناك فقد كانت الحواضر
العربية الكبرى كبغداد و القاهرة و طُليطلة و قرطبة و غيرها تضمّ جامعات مجهّزة بمخابر و مراصد و مكتبات غنيّة و كلّ ما هو ضروريّ للبحث العلميّ.
و قد توسّع غوستاف لوبون في الحديث عن هذه الحركة العلمية الهائلة التي مسّت كلّ العلوم و الفنون و وقف عند ثمارها و نتائجها كما لم يَفُته ذكر إنجازات العرب واكتشافاتهم.و لا يمكنني أن أحْذو حَذْو الكاتب أو أصنع صنيعه لأن طبيعة هذا البحث لا تحتمل ذلك و لكنّ التلخيص المعبِّر و الإشارة الدّالة كليهما لن يفوتني.
أ- في الرياضيات و علم الفلك: يذكر غوستاف لوبون10 أنّ تدريس الرياضيات كان شائعًا عند العرب     و خاصّة الجَبر الذي يُعْزَى إليهم فضل اكتشافه.و لقد كان شغفهم به قويًّا إلى الحدّ الذي دفع الخليفة المأمون إلى تكليف محمد بن موسى بوضع كتاب للعامّة.و من هذا الكتاب اسْتقى الأروبيون،في ما بعد، مبادئهم الأولى في هذا العلم.ثم عدّد جملة من اكتشافات العرب في هذا العلم تداولها الذين جاؤوا من بعدهم.
أمّا علم الفلك فقد كانت له مدارس عديدة في بغداد و دمشق و سمرقند و القاهرة و فاس و طُليطلة و قرطبة. و ينقل المؤلّف إنجازات العرب بالتفصيل ذاكرًا أنّ البيروني في إحدى زياراته للهند قد سلّم الهنود كتبًا في علم الفلك ترجموها إلى لغتهم كما أنّ الصّينيّين استمدّوا معارفهم الفلكية من مدرسة بغداد التي وصلتهم عن طريق المغول الذين غزَوهم. ويتابع الباحث قائلاً إنّ الفلكيّ الصّينيّ الشّهير كُوشِيرو كينغ قد حصل في سنة 1280 على كتاب في الفلك لابن يونس الصّدفيّ، وهو من كبار علماء الفلك و الرياضيات في القرن الرّابع الهجريّ، و قام بترجمته و نشره في الصّين ثم ينتهي إلى الاعتراف بأنّ العرب هم الذين نشروا هذا العلم في العالم كلّه.
ب- في الجغرافيا: لئن كان العرب قد اعتمدوا على اليونان في بداية اهتمامهم بهذا العلم فنهلوا من معارفهم فإنهم،كعادتهم، قد تجاوزوهم و حقّقوا فتوحات كبيرة بل صحّحوا بعض أخطاء بطليموس، أكبر الجغرافيّين اليونان، في تحديد مواقع المدن وخطوط الطّول و العرض و غيرها.
و يذكر غوستاف لوبون12 بعض أساتيذ هذا العلم،عند العرب، مع خلاصة لأعمالهم و جهودهم و لكنه يركّز كثيرًا على جهود الإدريسي، و هو صاحب الإضافات النّوعية في هذا العلم، الذي اهتدى إلى منابع النّيل كما يذكر أنّ مؤلّفاته قد تُرجمت إلى اللاّتينية و الإيطالية و كانت بداية احتكاك الأروبيّين بهذا العلم في القرون الوسطى فظلّوا، مدّة ثلاثة قرون، ينسخونها و يتداولونها.و يخلص الكاتب إلى القول بأنّ العرب قد تركوا لنا مؤلّفات هامّة في هذا العلم ظلّت موضوع عناية و تدريس، في أروبّا، قرونًا طويلة.

ج- في الفيزياء و الكيمياء: يثبت غوستاف لوبون13 أنّ مؤلّفات العرب في الفيزياء لم يَبقَ منها إلاّ القليل و يذكر،في هذا الشّأن، أعمال الحسن بن الهيثم في الرّؤيا المباشرة و المنعكسة و المنكسرة و في المرآة المشعّة أو المحرقة.و في نفس المقام يذكر اكتشافات الحازن غير المسبوقة في علم البصريات و مؤلّفاته التي تُرجمت إلى اللاّتينية و الإيطالية.و قد اعتمد على جهوده Johannes kepler   ( 1571-1631 ) في أعماله و إنجازاته و لعلّه يقصد كتابه الشّهير ( La loi de la réfraction )  أيْ  ( قانون انكسار الأشعّة ).و يُنهي لوبون حديثه مستشهدًا بقول أحد المختصّين الأروبيّين إن مؤلّفات الحازن و اكتشافاته تُعدّ الأصل في كلّ معارفنا في علم البصريات.
و أحبّ،قبل مغادرة هذا المقام، تسجيل ملاحظة خلاصتها أنّ غوستاف لوبون قد ذكر،هنا، اسمين لمسمًّى واحد إذْ إنّ الحسن بن الهيثم قد حُرِّف اسمه قليلاً،عند الغربيّين، فأصبح معروفًا عندهم بالحازن.
أمّا في علم الكيمياء فيُثبت الباحث أنّ القول باكتشاف أنطوان دو لافوازييه ( 1743-1794 ) لهذا العلم زعم باطل لأنّ العرب منذ قرون أنفقوا جهودًا معتبرة في هذا العلم و خرجت مِن مختبراتهم و بحوثهم نتائج    و اكتشافات اعتمد عليها دو لافوازييه و غيره في ما اهتدَوا إليه مِن نتائج أو حقّقوه مِن نجاح.
و يقف الباحث عند جابر بن حيّان و يعرض لسَبقه،في هذا العلم، و تقدّمه و اكتشافاته معتبرًا كلّ أعماله موسوعة علمية.و لا يفوته،كذلك، أن يُحيطنا علمًا بأنّ الكثير من كتبه قد تُرجمت إلى اللاّتينية كما تُرجم كتابه الرّائع ( نهاية الإتقان ) إلى اللّغة الفرنسية عام 1672 ممّا يدلّ على علوّ مكانته العلمية و عِظم شأنه  و تأثيره،في أروبّا، أزمانًا طويلة.       

د- في العلوم الطبّية: يستعرض غوستاف لوبون 14،في هذا الجانب، جهود العرب في الطبّ موضِّحًا سَبقهم و ذاكرًا بعض أعلامهم من الأطبّاء و الجرّاحين دون أن يفوته ملاحظة أنّ الكثير من كتب العرب الطبّية قد نجَت من الإتلاف و الضّياع و وصلت إلى أروبّا.
و يذكر المؤلّف أنّ كتبًا للرّازي مثل: ( الحاوي في علم التداوي ) و كتابه الآخر ( تشريح المنصوري ) مضافًا إليهما كتب أخرى له قد تُرجمت إلى اللاّتينية و طبعت مرّات عديدة و خاصّة في البندقية سنة 1509    و في باريس سنتَي 1528 و 1548.و يضيف المؤلّف أنّ  بحث الرّازي عن الجُدريّ قد لقِي بالغ الاهتمام       و فائق التقدير و أُعيد طبعه سنة 1745 كما يعترف أنّ الجامعات الطبّية الأروبية كانت تعتمد في تعليمها على كتب الرّازي و لم يكن الطبّ اليونانيّ يفوز،حينئذٍ، بكبير عناية أو اهتمام باستثناء حِكم أبُقراط.
و كذلك فازت بالمقام نفسه و حظِيت بالعناية ذاتها كتب ابن سينا و خاصّة كتابه الشّهير ( القانون )  و تُرجمت مؤلّفاته إلى معظم لغات العالم و ظلّ طبعها مستمرًّا إلى غاية القرن السّابع عشر الميلاديّ.
و يواصل الباحث قائلاً إنّ مؤلّفات ابن سينا ظلّت مدّة ستّة قرون الدّليل الأوّل للأطبّاء بل المدوّنة العالمية الوحيدة للطبّ.و في الجامعات الطبّية الفرنسية و الإيطالية كانت كتبه هي المُقرَّر الأساسيّ و المعتمَد الوحيد و لم يقِلَّ الاهتمام بها إلاّ منذ خمسين سنة فقط.و كذلك انتقلت كتب العرب الطبّية إلى آسيا فدخلت الصّين سنة 1215 بعد حملة كوبلاي خان و غزوه لهذا البلد.
أمّا ابن رشد الفيلسوف شارح أرسطو فقد ساهم،كذلك، في البحث الطبّي و له كتاب في التّرياق    و كتب أخرى في السّموم و الحمّى و غيرها و قد نُشرت كتبه مرّات عديدة في أروبّا.     
و يشارك هؤلاء الأعلام في المنزلة العلمية و التقدير الطّبيب البارع عليّ بن العبّاس الذي عاش في القرن الرّابع الهجريّ و صاحب كتاب ( كامل الصناعة الطبّية الضرورية ) الذي اشتَهر في الأوساط العلمية باسم      ( المَلَكيّ ).و بعد أن اعتمد على مبادئ الطبّ اليونانيّ و استوعبه بيّن أخطاءه عند أبُقراط و غالْيان و أُوريباز  و بول دِيجين و غيرهم و تجاوزهم جميعًا.و قد تُرجم كتابه إلى اللاّتينية سنة 1127 و أُعيد طبعه في ليون بفرنسا سنة 1523.
و كذلك امتدّت عناية العرب الطبّية إلى الدّور الصّحيّ للنظافة و المناخ و تفضيل الموادّ الطبيعية على غيرها في التّداوي كما أنّ لهم سَبقًا في الجراحة و فنونها و اكتشافات كثيرة للأدوية و طرق إستعمالها.[10]
 للثقافة والحضارة أثرها على نواحي الحياة, ومنها اللغة. وتتصل الأمم بعضها ببعض, بالود والتعاون, والمعاملات الطيبة, او بالغزو اوالهجرة زلدلك أثره في تبادل الثقافات والحضارة والتقدم والرقـــــــي.[11]
اللغة أداة التعلم ولتعليم, ولولاها لما أمكان للعملية لتعليمية / التعلمية أن تتما, ولا نقطعت الصلة بين المعلم والمتعلم, اي وتوقفت الحضارة الإنسانية, وظلت حيات الانسان في نطاق الغرائز الفطرية والحاجات العضوية الحيوانية.
إنها الخزانة التي تحفظ للأمة عقائدها الدينية وتراثها الثقافي, ونشاطاتها العلمية, وفيها صور الامال والاماني للأجيال الناشئة وبعبارة أخرى. إن اللغات هي داكرة الانسانية وواسطة نقلي الافكار والمعارف من الاباء إلى الابناء, ومن الاسلاف إلى الاخلاف, والتي لولاها لا نقطعة الاجيال بعضها عن بعض. وحين ذاك سيظطر كل جبل عن يبدع من نقطة الصفري, وبذلك تبقى الانسانية في مهد طفولتها العلمية والمعرفية[12].   


[1]  محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية (لبنان: دار الفكر)، 34.
[2]  أميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية وخصائصها (دار الثقافة الاسلامية)، 25.
[3]  نايف محمود معروف، خصائص العربية (دارالنفائس بيروت 1991)، 27.
[5]  أحمد عبد الرحمن جماد, عوامل التطور اللغوي ( دار الأندلس)، 200-201.
[6]  تمام حسن، اللغة في المجتمع (القاهرة : 2003)، 177.
[7]  جماد, عوامل التطور اللغوي ، 191.
[9]  جماد, عوامل التطور اللغوي، 198.
[10]  غوستاف لوبون، إنتشار اللّغة العربية و عالميتها من خلال كتاب حضارة العرب1931-1841.
[11] عبد الغفار حامد هلال، العربية خصائصها وسماتها (القاهرة: مكتبة وهبة، 2004) 269.

[12]  نايف محمود معروف، خصائص العربية (درالنفائس بيروت، 1991)،  31.
Previous
Next Post »
Thanks for your comment