iklan banner

سورة القارعة


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)

البلاغة في سورة القارعة
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والمعانى والبديع فيما يلي:
1. البيان
·      التشبيه
أ‌-               يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)
ب‌-         وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)
اية
المشبه
المشبه به
نوع التشبيه
السبب
4
كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ
المرسل المجمل
ذكرت أداة التشبيه وحذف وجه الشبه
5
كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ
تَكُونُ الْجِبَالُ
المرسل المجمل
ذكرت أداة التشبيه وحذف وجه الشبه

·      استعارة
أ‌-               يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)
ب‌-         وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)
اية
الجملة
نوع الاستعارة
السبب
4
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ
استعارة تصريحية
صرح فيها بلفظ المشبة به
5
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ
استعارة تصريحية
صرح فيها بلفظ المشبة به

2. المعـانى
·      خبر
أ‌-               فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)
ب‌-         وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)
ت‌-         فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)
اية
الجملة
ضرب الخبر
أدوات التوكيد
7
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
إبتدائى
بدون التوكيد
8
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
إبتدائى
بدون التوكيد
9
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
إبتدائى
بدون التوكيد

·      إنشاء
أ‌-               مَا الْقَارِعَةُ (2)
ب‌-         وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)
ت‌-         وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)
اية
صيغة الإنشاء
نوع الإنشاء
طريقته
الغرض
1
مَا الْقَارِعَةُ
إنشاء طلبي
الأستفهام
التعجب
2
مَا الْقَارِعَةُ
إنشاء طلبي
الأستفهام
التعجب
3
مَا هِيَهْ
إنشاء طلبي
الأستفهام
التعجب

3. البديع
·      جناس تام
أ‌-               الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣)
اتفق فيها الآية باللفظ "الْقَارِعَةُ" في أمور أربعة هي: من نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها.
ب‌-         فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) .... (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨)
اتفق فيها الآية باللفظ "مَوَازِينُهُ" في أمور أربعة هي: من نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها.

·      طباق السلب
أ‌-               فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) .... (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨)
لان فيها الآية موجودان اللفظان بما اختلف فيها الضدّان إيجابا وسلبا.



لمحة بلاغية في سورة القارعة
1.    الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣)
المطلع لتحقيق مقصد التهويل،والتهويل تعظيم وتخويف:
التعظيم لموضوع الخطاب، والتخويف لمتلقيه...
"القارعة" تحتمل أن تكون مستقلة تركيبيا ،كما تحتمل أن تكون مبتدأ أخبر عنه بالجملة الاستفهامية بعدها. وإنما الإعراب الأول هو الأنسب لمقصدية التهويل، لما فيه من إثارة التوتر عند المتلقي..فالإنسان مفطور على ترقب "المسند" كلما وقع في سمعه "مسند إليه" وتأجيل ذكره - أو عدم حصوله- يفضي إلى زيادة مدة التوتر واشتداده.
كيف و توتر غياب الخبر - الذي يشرئب له العنق- يعضده هنا حصول امتلاء السمع بجرس كلمة "القارعة!".
ويلحظ معها إيحاء صيغة التأنيث في اسم الفاعل ،فالعربية في الغالب تخصص هذه الصيغة لما هو مخيف وشديد مثل "الداهية" و"المصيبة" و" القاصمة" و"الصاعقة" و"الحالقة" وغيرها. ولهذا الملحظ كثرت في القرآن الأسماء المؤنثة الدالة على اليوم الآخر: "القيامة" و"الواقعة" و"الطامة" و"الصاخة" و"الغاشية" و"القارعة".

2.    مَا الْقَارِعَةُ (٢)
استدامة للتوتر، فلم يحصل إخبار ولكن حصل سؤال، فيكون المتلقي واقعا تحت وطأة السؤال مرتين:
·      السؤال المضمر في ذهنه الناشيء من سماعه الكلمة الغريبة "القارعة" و"ما هذه القارعة!"
·      السؤال الذي جاء في محل الجواب المرتقب "ما القارعة".

3.    وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣)
تأجيل الإخبار مرة ثانية لتأجيج التشوق إلى ما سوف يأتي والآية مكونة من استفهامين: الثاني مكرر لما سبق، والأول متناسب مع حالة المتلقي المتلهف على المعرفة "وَمَا أَدْرَاك".
ثلث التكرار للكلمة والأسلوب: فقد جاءت كلمة "القارعة" في خواتم الفواصل الثلاث وتكرر معها أسلوب الاستفهام ثلاث مرات أيضا.
لقد اجتمع في هذا المطلع من أساليب التهويل ما لا يجتمع في الكلام عادة: الجرس، والصيغة، والحذف، والتكرار، والاستفهام، وتأجيل الخبر، ولإظهار في موضع الإضمار، والمواجهة بالخطاب.

4.    وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤)
انتقال من مجال المسموع إلى مجال المرئي:
"القارعة" :تنبيه شديد للأذن مبنى ومعنى...قال ابن عاشور: "والقارعة: وصف من القرع وهو ضرب جسم بآخر بشدة لها صوت".
ويؤخذ منه المقومين الدلالين :الضرب والصوت.
والضرب لا ينفصل عن إيحاء الشدة والعنف، ماديا في مثل: "قرع الباب" و"مقارعة الأبطال" و"المِقْراع" (فأسٌ أو شِبهُه تُكسَرُ بها الحجارةُ كما في التاج).
ومعنويا في مثل: "قرع الناب والسن" كناية عن شدة الندم كما في قول الصعلوك: لَتَقْرَعَنَّ عليَّ السِّنَّ مِن نَدَمٍ ... إذا تذَكَّرْتَ يَوْمَاً بَعْضَ أخلاقي والمناسبة بين "القارعة" و"الفراش المبثوث "تتلمس في معاني الغرابة والتهويل: ف"القارعة" مثير شديد للسمع، و"الناس كالفراش المبثوث" مشهد غريب يفاجيء البصر!.
كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ:
قال ابن عاشور: "الفَراش: فرخ الجَراد حين يخرُج من بيضه من الأرض يَركب بعضه بعضاً وهو ما في قوله تعالى: "يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر" (القمر: 7). وقد يطلق الفراش على ما يطير من الحشرات ويتساقط على النار ليْلاً وهو إطلاق آخر لا يناسب تفسيرُ لفظ الآية هنا به."

5.    وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)
تحتمل "الواو" أن تكون للاعتراض الاستطرادي وظيفتها التشريك في الذكر، وتحتمل أن تكون للعطف المؤذن بالتشريك في الحكم.
مسوغ احتمال الاعتراض ناشيء عن كون الكلام قد سيق لسرد أحوال الناس فجاء وصف الجبال فاصلا القصة الواحدة إلى قسمين:
فقد ذكر الناس مجتمعين في الصفة والمكان أولا، ثم متفرقين في الصفة والمكان ثانيا. بمعنى أن الناس مروا من حالة الاختلاط واللا -تميز- المفهومة من التشبيه- إلى مرحلة الافتراق والتميز عند تشكل الفريقين الكبيرين.
فتكون دلالة الجملة الاعتراضية على هذا التأويل غير مقصودة في الحكم وإنما جاءت لتوكيد خلفية التهويل.
اعتبار عطف أحوال الجبال على أحوال الناس تشريكا في الحكم -وهذا هو الأظهر- فيكون المقصود هو بيان أهوال القيامة على الصعيد الشمولي: الإنساني والطبيعي.

6.    فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩)
ثنائية الثقل والخفة التي قومت الوجود الطبيعي (الجبال/الصوف) تعود من جديد لتقوم الوجود الإنساني(من ثقلت موازينه/من خفت موازينه).

7.    فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩)
قال ابن كثير: معناه: فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم. وعَبَّر عنه بأمه-يعني (2) دماغه-روي نحو هذا عن ابن عباس، وعكرمة، وأبي صالح، وقتادة -قال قتادة: يهوي في النار على رأسه وكذا قال أبو صالح: يهوون في النار على رءوسهم.


المقاصد في سورة القارعة
سورة القارعة مكية، وهي تتحدث عن القيامة وأهوالها، والآخرة وشدائدها، وما يكون فيها من أحداث وأهوال عظام، كخروج الناس من القبور، وإنتشارهم في ذلك اليوم الرهيب، كالفراش المتطاير، المنتشر هنا وهناك، يجيئون ويذهبون على غير نظام، من شدة حيرتهم وفزعهم في ذلك اليوم العصيب.
كما تحدثت عن نسف الجبال وتطايرها، حتى تصبح كالصوف المنبث المتطاير في الهواء، بعد أن كانت صلبة راسخة فوق الأرض، وقد قرنت بين الناس والجبال، تنبيها على تأثير تلك القارعة في الجبال، حتى صارت كالصوف المندوف، فكيف يكون حال البشر في ذلك اليوم العصيب؟
وختمت السورة الكريمة بذكر الموازين التي توزن بها أعمال الناس، وإنقسام الخلق إلى سعداء وأشقياء، حسب ثقل الموازين وخفتها، وسميت السورة الكريمة بالقارعة، لأنها تقرع القلوب والأسماع بهولها وشدائدها.
Previous
Next Post »
Thanks for your comment